المسألة الثانية في التوبة
  ولم يندم على فعله فيما مضى، لكن لا يحتاج إلى إفراد التوبة عن ترك التوبة؛ لأنها تدخل ضمناً في التوبة عن المعصية.
  واحتج أيضاً بأنه لو استحق عقاباً زائداً للزم أن يصير الفسق كفراً، والصغيرة كبيرة بحيث يجب فيمن سرق حبة وأصر على ترك التوبة عنها أن يجوز في عقابه أن يبلغ عقاب الفسق.
  قلنا: منع الإجماع على أن المعصية إذا لم تكن كفراً حال فعلها أنها لا تصير بعد ذلك كفراً، دليله الفاسق، فإن مدة إصراره لو بلغت في الطول كل مبلغ لم تجر عليه أحكام الكفار، وأما مصير الصغيرة كبيرة بالإصرار، وبلوغ العقاب عقاب الفسق فملتزم.
  ومما احتج به أن المال إذا بقي عند الغاصب مدة فإنها لا تزيد أعواضه على كونه لم يرد إليه، فكذلك إنما لم تزد هنا لدلالة الشرع على أنه لا يلزمه إلا قدر ما يقوم بها، والأعواض بمنزلة قيم المتلفات.
الموضع الرابع [في الإحباط والموازنة]
  اختلف المتكلمون في من فعل طاعات ثم فعل كبيرة تحبط ثواب تلك الطاعات ثم تاب، هل يعود ثواب تلك الطاعات أو لا؟
  فقال أبو هاشم، وجمهور البصرية، وبه قال الإمام الحسين بن القاسم العياني والإمام المهدي، والقرشي ونسبه الإمام عز الدين إلى الجمهور: لا يعود واختاره الإمام القاسم بن محمد.
  وقال أبو القاسم البلخي، وأبو بكر النجاري من البهشمية،