مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [دلالة اللفظين على نسبة أفعال العباد إليهم]

صفحة 871 - الجزء 2

  قوله تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ٣}

  قد تقدم الكلام على هذين الإسمين؛ ويتعلق بهما هنا ثلاث مسائل:

المسألة الأولى [دلالة اللفظين على نسبة أفعال العباد إليهم]

  قال أهل العدل في وصف الله تعالى بهما دليل على ما نذهب إليه من نسبة أفعال العباد إليهم، إذ لا يكون رحمانا رحيما من خلق الكفر في الكافر ثم عذبه عليه، ومن أمر بالإيمان ثم منع منه. وأجابت الجبرية: بأن الإيمان أعظم أنواع النعمة والرحمة، فلو كان من العبد لكان أحق بهذين الإسمين. وهذا الجواب واضح البطلان؛ لأنا قد بينا أن الإيمان ليس بنعمة؛ لأنه فعل العبد، وإنما يستحق الباري الحمد عليه لدعائه إليه وتمكينه منه، وإذا كان فعلاً للعبد فالنعمة لا تكون نعمة إلا إذا كانت منفعة واصلة إلى غير فاعلها، فبطل أن يكون الإيمان بالنظر إلى ذاته نعمة فضلا عن أن يكون أفضل النعم. وأيضا قد ثبت أن الله تعالى متفضل بإيجاد الخلق وكيف يكون متفضلاً، والمفروض أنه خلقهم للنار؛ تعالى الله عن ذلك!