المسألة السابعة [استطراد لذكر الحسن والقبح العقليين]
  أن الحمد لا يحسن إلا على الإنعام كان الأمر بالحمد حاملاً للمكلف على التفكر في أقسام النعم، فيؤديه ذلك إلى الاستدلال بها على إثبات الصانع وحبه، أما الأول فلأن تفكره يؤديه إلى العلم بأن هذه النعم محدثة فلا بد لها من محدث، وليس العبد المحدث لها، وإلا لحصل لنفسه جميع أقسام النعم، وتعين أن المحدث لها هو الله القادر على كل شيء، وأما الثاني فلأن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، فإذا كان الأمر بالتحميد مما يحمل العبد على تذكر أنواع النعم التي لا تحصى صار تذكرها موجباً لرسوخ حب الله في قلب عبده.
  هذا معنى ما ذكره في الأنعام، وبهذا التقرير تعرف رجحان هذا التقدير أعني قولوا لتأديته إلى هاتين الفائدتين. والله أعلم.
المسألة السابعة [استطراد لذكر الحسن والقبح العقليين]
  استدل الرازي بقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} على أنه يحسن من الله ما يقبح من العبد، ووجه الاستدلال به أن قوله: الحمد لله مدح منه لنفسه، ومدح النفس مستقبح فيما بين الخلق، فلما بدأ كتابه بمدح نفسه دل على أنه يحسن منه تعالى ما يقبح من الخلق، وذلك يدل على أن أفعال الله تعالى لا تقاس على أفعال خلقه، قال: وهذا يهدم أصول الاعتزال بالكلية. واعلم أن هذه المسألة مبنية على إثبات الحسن والقبح العقليين، وقد بسطنا القول في ذلك في المقدمة بما لا مزيد عليه، ولنتكلم في هذا الموضع في الدلالة على أنه يقبح من الله تعالى ما يقبح من غيره لو فعله، ونذكر شبه الخصوم في دفع ذلك