مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة: [شبهات المستدلين على رؤية الله تعالى بهذه الآية]

صفحة 3567 - الجزء 6

  قال: والاكتفاء بالظن أبلغ في التقريع والتوبيخ، كأن هؤلاء الذين يأمرون بالبر وينسون أنفسهم وهم يقرءون الكتاب لا يصل إيمانهم بالله وبكتابه إلى درجة الظن، الذي يأخذ صاحبه بالاحتياط.

  قلت: وهو توجيه قوي، ويعضده إجراء الآية على ظاهرها: لولا قيام الدليل على خلافه.

المسألة الرابعة: [شبهات المستدلين على رؤية الله تعالى بهذه الآية]

  احتج بعض المجوزين لرؤية الله تعالى في الآخرة بهذه الآية ونحوها مما فيه ذكر الملاقاة على جواز الرؤية، وتقرير الاحتجاج بها أن اللقاء في اللغة: اتصال أحد الجسمين بالآخر، كما مر، وهذا اللقاء سبب للإدراك، فحيث يمنع حمله على معناه الحقيقي. لكون الباري تعالى ليس بجسم وجب حمله على الرؤية مجازًا. من إطلاق السبب على المسبب.

  والجواب: أن الآية متروكة الظاهر اتفاقًا، وحينئذ فلستم بأولى منا بالتأويل، ولنا في تأويلها وجوه:

  أحدها: ما مر لأهل القول الثاني بمعنى الظن.

  الثاني: أن اللقاء عبارة عن العلم المحقق، الشبيه بالمشاهدة والمعاينة توسعًا.

  الثالث: أنا لا نسلم أن اللقاء يكون بمعنى الرؤية، وإنما هو بمعنى الاتفاق في الحضرة وإن لم تحصل رؤية، ومن ثم جاز أن يقال: لقيني فلان ولم أره. لا يقال: إنا لم ندع استعماله بمعنى الرؤية حقيقة، وإنما ادعينا ذلك مجازًا، ولا مانع منه. والعلاقة واضحة وصحة النفي دليل