الموضع الأول: في حدود هذه الأمور المذكورة
  أما الأول: فهو ما ليس للقادر عليه المتمكن منه الإقدام عليه على بعض الوجوه.
  قال الإمام عز الدين #: (وهذه الأوصاف تجري مجرى الذاتية إذ لا تعقل ما هية القبيح مع كون المتمكن منه الإقدام عليه، وليست ذاتية لأنها أوصاف للقادر عليه لا له).
  قال #: (والظاهر أيضاً أنها حقيقية رسمية، فإن قيل: الإخلال بالواجب قبيح عقلاً وهو خارج عن الحد فانتقض طرده، قيل: إنما نشأ هذا الاعتراض من توهم أن ما في قوله ما ليس للقادر عليه ... إلخ عبارة عن الفعل، ونحن نقول: ما المانع من أن يكون عبارة عما هو أهم من ذلك، ويكون المعنى: القبيح أمرٌ ليس للقادر عليه) ... إلخ.
  ولفظ أمر يطلق على الفعل والترك، سلمنا فقد قيل: إن الترك فعل بدليل قول الشاعر:
  لئن قعدنا والنبي يعمل ... فذاك منا العمل المضلل
  سلمنا، فقد أجاب الإمام المهدي # بأن القبيح في اللغة إنما هو من صفات الأفعال يقال: فعل قبيح ولا يقال نفي قبيح، وقد يوصف الإخلال بالواجب بالقبح تجوزاً تشبيهاً للترك بالفعل، لا يقال: فيلزم أن لا يستحق المخل بالواجب عقاباً، لأنا نقول: لا نسلم أنه لا عقاب إلا على قبيح، بل لا عقاب إلا على معصية، والإخلال بالواجب معصية قطعاً.
  قال #: وإنما قلنا: إن القبح مختص بالأفعال؛ لأنه مسبب