المسألة السادسة عشرة [في الإيمان بالآخرة]
  ويترتب على ذلك معرفة الجزاء والحساب، وغير ذلك مما أخبر الله تعالى به، وإلا كان البعث عبثا:
  الطريق الأولى: قياس المعاد على المبدأ، كما قال تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ}[ريس: ٧٩].
  الطريق الثانية: قياس بعض الصيغ على بعض، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى}[فصلت: ٣٩] وما أشبه ذلك مما نبه به سبحانه على أنه لا فرق بين إحياء الأرض بعد موتها، وإحياء الناس بعد موتهم.
  والطريق الثالثة: المشاهدة؛ نحو: ما شاهده إبراهيم # من إحياء الطير، والذي مر على القرية من إحياء حماره، وما شاهده بنو إسرائيل من إحياء المضروب ببعض البقرة، قال تعالى: {كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ٧٣}[البقرة].
  والطريق الرابعة: خبر الحكيم الذي يجب تصديقه وهو الله تعالى، وقد أخبرنا بالنشر والحشر، والحساب والشفاعة، وأن الجنة للمطيع، والنار للعصاة، وغير ذلك؛ ومعرفة وجوب تصديقه فرع على معرفة حكمته، وفي الحديث عن النبي ÷: «يا عجباً كل العجب من الشاك في الله وهو يرى خلقه، وعجباً ممن يعرف النشأة الأولى ثم ينكر النشأة الأخرى، وعجباً ممن ينكر البعث والنشور وهو في كل يوم وليلة يموت ويحيا - يعني النوم واليقظة - وعجباً ممن يؤمن بالجنة وما فيها من النعيم ثم يسعى لدار الغرور، وعجباً من المتكبر الفخور وهو يعلم أن أوله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وهو فيما بين ذلك يحمل البول والعذرة».