المسألة التاسعة عشرة [في حقيقة المفلح]
  عليه أولاً، ومدحهم بالإقامة على ذلك والمواظبة على حراسته عن الشبه ثانياً، وذلك واجب على المكلف؛ لأنه إذا كان متشدداً في الدين خائفاً وجلاً فلا بد من أن يحاسب نفسه في علمه وعمله، ويتأمل حاله فيهما، فإذا حرس نفسه كان ممدوحاً بأنه على هدى وبصيرة، وإنما نكر هذا ليفيد ضرباً مبهماً لا يبلغ كنهه، ولا يقدر قدره، كما يقال: لو أبصرت فلاناً لأبصرت رجلاً.
  قال عون بن عبد الله: الهدى من الله كثير، ولا يبصره إلا بصير، ولا يعمل به إلا يسير؛ ألا ترى أن نجوم السماء يبصرها البصراء، ولا يهتدي بها إلا العلماء.
  قال في الكشاف ومعنى هدى من ربهم أي منحوه من عنده، وأتوه من قبله، وهو اللطف والتوفيق الذي اعتضدوا به على أعمال الخير، والترقي إلى الأفضل فالأفضل.
المسألة التاسعة عشرة [في حقيقة المفلح]
  المفلح هو الفائز بالبغية من السعادة الأبدية، والنجاة من الشقوة السرمدية، ولن يكون كذلك إلا من اتصف بهذه الصفات الكريمة، ورقى ذروة العمل بما دلت عليه هذه الآيات العظيمة، فقد جمعت لك الطاعات بأسرها، وحذرتك عن المعاصي جميعها، انظر ماذا تحت قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}[البقرة: ٤] من المعاني والأحكام، وبيان العقائد، ومسائل الحلال والحرام، فإن من آمن