المسألة الثانية [في الكفر]
  دون الثاني، بل إنما تعلم صحة أحد القولين وبطلان الثاني بالاستدلال، فلا جرم لم يكن إنكاره ولا الإقرار به داخلاص في ماهية الإيمان، فلا يكون موجباً للكفر.
  والدليل عليه: أنه لو كان ذلك جزء ماهية الإيمان لكان يجب على الرسول ÷ أن لا يحكم بإيمان أحد إلا بعد أن يعرف أنه نظر فعرف الحق في تلك المسألة، ولو كان الأمر كذلك لاشتهر في تلك المسألة بين جميع الأمة، ولنقل ذلك على سبيل التواتر، فلما لم ينقل ذلك دل على أنه # ما وقف الإيمان عليها، وإذا كان كذلك وجب أن لا تكون معرفتها من الإيمان، ولا إنكارها موجباً للكفر.
  قال: ولأجل هذه القاعدة لا يكفر أحد من هذه الأمة، ولا تكفر أرباب التأويل.
  قلت: وكلامه هذا صريح في أنه لا يصح الإكفار بالإلزام، وما احتج به الأولون على فيجاب عنه بأن قياس ما لزم فيه الكفر دلالة ما لزم فيه ضرورة قياس مع وجود الفارق؛ لما ورد من الآيات والأخبار الدالة على رفع الخطأ ولم تفصل. وأما ما ذكر في الوجه الثاني من أنه يلزم عدم كفر من أنكر حدوث العالم كالفلاسفة، أو عدم كفر من أنكر ما علم من الدين ضرورة كالصلاة، فهو خارج عن محل النزاع؛ إذ النزاع فيمن لم ينكر ما علم ضرورة، وحدوث العالم وكون الصلاة من الدين أبين من الشمس، لا سيما بعد انتشار الأنبياء، والعلماء المنبهين على كيفية الاستدلال، وتعريف الشرائع.
  واعلم أن للإمام المهدي # كلاماً هو أقرب إلى العدل وأسلم