المسألة السابعة [في الختم الذي استدل به المجبرة]
  وجدنا أن ما استوى الوجود والعدم بالنسبة إليه لا يترجح أحدهما على الآخر إلا لمرجح، وهذا يقتضي الجبر، ونجد أيضاً تفرقة بديهية بين الحركات الاختيارية والحركات الاضطرارية وجزماً بديهياً بحسن المدح وقبح الذم، والأمر والنهي، وذلك يقتضي مذهب المعتزلة، فكأن هذه المسألة وقعت في حيز التعارض بحسب العلوم الضرورية وبحسب العلوم النظرية، وبحسب تعظيم الله بالنظر إلى قدرته، وحكمته، وبحسب التوحيد والتنزيه، وبحسب الدلائل السمعية، فلهذه المآخذ التي شرحناها والأسرار التي كشفنا عن حقائقها صعبت المسألة وغمضت فنسأل الله العظيم أن يوفقنا للحق وأن يختم عاقبتنا بالخير آمين يا رب العالمين.
  قلت: وهذا يدل على أنه متوقف في المسألة، وفي توقفه إبطال لما يدعيه من البراهين القطعية في المسألة إذ لا وجه للتوقف فيما ثبت قطعاً. فلا يغرك تهويله في تركيبه لأدلة أصحابه، والحمد لله رب العالمين؛ والعجب من قولهم: إنهم نظروا إلى تعظيم الله فقالوا: لا موجد سواه. وكيف يعظم الله من نسب إليه القبائح بأسرها، من الظلم والفجور، والكذب والزور، وغيرها.
  وأما قوله: إن إثبات الإله يلجئ إلى القول بالجبر واستدلاله على م ذلك بمسألة الداعي فقد تقدم بطلانه، وأما الآيات التي فيها ذكر الختم ونحوه فهي محتملة، والآيات الدالة على أنه لا مانع صريحة، والواجب رد المحتمل بالتأويل إلى المحكم الصريح، وقد تقدم ما يرشد إلى ذلك. والله أعلم.