تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}
  وذلك لا يستلزم عدم التفتيش عن العدالة؛ إذ مهما كان الكذب جائزاً فيهم فلا يؤمن كون من لم نعرف حاله من أهل الكذب. والله أعلم.
  احتج أئمتنا على قبول مجهول العترة بما ورد في حقهم من وجوب مودتهم، وإرادة تطهيرهم، والأمر بالتمسك بهم، وغير ذلك مما لا يحصى، هذا مع ما علم من سلامة أحوالهم، ومجانبتهم للكذب وأهله. وأجيب بأن المحكوم له بتلك الفضائل هو جماعتهم لا أفرادهم، والأمر بالمودة وإن تناول الآحاد، فذلك لا يستلزم العدالة في الكل؛ إما لما هو الظاهر من وجوب مودة الصالح والطالح منهم، وإما لأن المجهول غير محكوم عليه بما يخرجه عن وجوب المودة، وهو كونه ممن حاد الله ورسوله، ولكن وجوب مودته لا يستلزم قبول روايته؛ العدم تحقق شرط القبول، وهو العدالة.
  قلت: وفي إطلاق الرواية عن الأئمة نظر.
  القسم الرابع من أقسام المجهولين: أن يكون مجهول النسب، والاسم، أو أحدهما مع معرفة حاله في العدالة والضبط، فهذا مقبول؛ لأن المعتبر العدالة والضبط، ومعرفتهما ممكنة مع الجهل بالاسم والنسب. وقيل: لا يقبل؛ إذ يصير مجهولاً. قلنا: مناط القبول العدالة والضبط.
  القسم الخامس: أن يكون مجهول الضبط، وهذا لا يقبل وإن علمت عدالته؛ لانتفاء شرط العمل، وهو الضبط لما رواه.