المسألة الثالثة [في إيضاح القراءة في هذه الآية]
المسألة الثالثة [في إيضاح القراءة في هذه الآية]
  قال في الثمرات: قرى يُكذبون بالتشديد مع ضم الياء وبالتخفيف مع فتحها، والثمرة في ذلك أن تكذيب النبي ÷، وكذلك كذب من قال: أنه مؤمن وليس بمؤمن كفر في الباطن.
  قلت: وكلامه يفيد الفرق بين القرائتين بالمعنى، والأولى حملهما على معنى واحد، وهو الكذب في قولهم كما مر، ويشهد له. قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ١}[المنافقون] ولم يقل: المكذبون، ولأن حمل قراءة التشديد على قراءة التخفيف يفيد كون الوعيد في آخر الآية على ما افتتحها به. من الإخبار عنهم بأنهم يقولون: آمنا وليسوا بمؤمنين، فيلتئم أول الآيات وآخرها، وفي عدم الحمل من تفكيك النظم واختلاف معنى الكلمة الواحدة مالا ينبغي تخريج أفصح الكلام عليه. إذا عرفت هذا فنقول: في الآية دليل على تحريم الكذب.
  قال الرازي: قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ١٠}[البقرة] صريح في أن كذبهم علة للعذاب الأليم، وذلك يقتضي أن كل كذب حرام؛ فأما ما روي أن إبراهيم # كذب ثلاث كذبات، فالمراد التعريض، ولكن لما كانت صورته صورة الكذب سمي به. ونحوه في الكشاف. وفي الآية رد لما ذهب إليه الجاحظ من أنه لا يسمى بالكذب إلا إذا علم المخبر كون المخبَر عنه مخالفاً للخبر. ذكره الرازي، وهو صحيح إذا ثبت أنهم كذبوا وهم غير عالمين بأنهم كاذبون.