المسألة الثانية [الجواب على شبه المجبرة من خلال استدلالهم بهذه الآية]
  استئناف، والأولى أن يكون حالاً تقديره: وميلهم حال عمههم في طغيانهم، أو في حال كونهم في طغيانهم يعمهون، وهذا مسلك صحيح من جهة المعنى؛ ويقويه أن فيه حمل اللفظ على حقيقته، بل قال القرشي: إن المد في الطغيان بالمعنى الذي ذكره الخصوم غير معقول في اللغة، ولا يستعمل، وإنما المد هو الإنساء في الأجل.
  قال: ولوكان كما قالوه من أنه فعل بهم الطغيان، وأراده لكان قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى}[البقرة: ١٦] لا معنى له؛ لأنهم لا يتمكنون من الهدى.
  المسلك الثاني: أنه من المدد وهو الزيادة، على ما يقوله الخصوم، وهو قول الزمخشري وغيره.
  قال في الكشاف: مد الجيش وأمده إذا زاده، وألحق به ما يقويه، ومده الشيطان وأمده إذا واصله بالوسواس حتى يتلاحق عنه ويزداد إنهماكاً فيه. ويقوي ما ذكره قراءة {يَمُدُّونَهُمْ} بضم الياء، وقراءة نافع: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ}[الأعراف: ٢٠٢] بضمها أيضاً.
  قال: على أن الذي بمعنى أمهله، إنما هو مد له مع اللام كأملى له. إذا عرفت هذا فنقول: إن هذا المعنى وإن كان ظاهره يقضي بما ذهب إليه الخصوم، فلا يجوز حمله على الظاهر؛ لأن الله إنما جعل الآية ذماً لهم على أفعالهم، وانهماكهم في الطغيان، وكيف يذمهم على ما خلقه فيهم، وأراده منهم، ولأنه قد أضاف الطغيان والعمه إليهم، فقال: {فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١٥}[البقرة]، وإذا لم يجز حمله