تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  لما كانت سبباً لحصول التنوير الزاجر عنه، وذلك لا يخرجها عن كونها شكراً إلى كونها لطفاً؛ إذ لا منافاة بين المعنى المذكور وبين الشكر.
  قلت: وهذا التأويل يجري في الأخبار المذكورة، لكن قد اعترضه السيد أحمد بن محمد بن لقمان بأنه نفس مذهب المخالف، فإنهم لا يريدون بكونها لطفاً إلا أنها سبب في الانزجار، والتنوير الذي ذكره هو نفس اللطف.
  قال: فلو قيل: إن وجه وجوب الواجبات الشرعية هو المعنيان معاً، عملاً بمقتضى الآيتين المذكورتين - أعني التي احتج بها من قال: إن وجه الوجوب كونها شكراً. والتي احتج بها من قال: كونها لطفاً - لم يكن فيه بعد، وتسلم الآيتان من التأويل؛ إذ لا منافاة بين الوجهين المذكورين. حتى يقال: إنه لا يصح اجتماعهما، ولا مانع من أن تكون الصلاة التي هي شكر لله تعالى سبباً في ترك القبائح العقلية، من الظلم والكذب، وفي فعل الواجبات العقلية من شكر المنعم، ورد الوديعة، ونحوهما، مسهلاً لذلك، فليتأمل. والله أعلم.