الفصل الأول [في ذكر الفعل والفاعل وتعلقاتهما]
  قلت: أراد بالخلاف ما تقدم من أن بعضهم يجعل كل مباشر مبتدئ، وهم الذين يحدون المباشر بأنه الموجود بالقدرة في محلها، لا بواسطة وهم المتقدمون، وبعضهم يحده بأنه الموجود بالقدرة في محلها، ولا يشترطون أن يكون بلا واسطة وهم المتأخرون، وعلى هذا لا يكون كل مباشر مبتدئ؛ إذ في المباشر ما هو متولد كالعلم وكثير من الأكوان والاعتمادات، والحاصل أن بعض المتكلمين يجعل المباشر من المتولد وهم من يعتبر الواسطة في حده، وبعضهم يجعله نفس المبتدئ وهم من لا يعتبرها، وبعضهم يطلقه على المبتدئ، والمتولد كما يفهم مما سبق، وعليه (النجري) و (الشرفي)، فإنهما قسما المتولد إلى مباشر ومتعدي كالعلم وتحريك الغير، ثم قسما المباشر إلى متولد كالعلم، ومبتدئ كالاعتماد.
  قال (النجري): والمبتدئ لا يكون إلا مباشراً.
  قال الإمام (المهدي) #: واتفق المتكلمون على أنه لا بد من فرق بين المباشر والمتولد وإن اختلفوا في الفارق، والوجه المقتضي لوجوب الفرق أن الواحد منا لما وجد من نفسه أنه قد يفعل فعلاً لا يحتاج في إيقاعه إلى فعل يقدمه عليه كالحركة المبتدأة، وكالإرادة والكراهة ونحوهما، ويجد من نفسه أنه قد يفعل ما يحتاج فيه إلى تقديم فعل غيره كالعلم المحتاج إلى النظر، والتأليف المحتاج إلى الكون، والألم المحتاج إلى الضرب، والكون المحتاج إلى الاعتماد احتجنا إلى الفصل بين الفعلين في الاسم، فسمينا المحتاج إلى السبب متولداً تشبيهاً بتولد الحيوان، وافتقار الولد في وجوده إلى الوالد، وسمينا ما لا يحتاج