مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الأول: (إيضاح الخلاف في مسألة أفعال العباد)

صفحة 208 - الجزء 1

  فقالوا: هي من الله تعالى، ثم اختلفوا فقال (جهم بن صفوان) وأصحابه: لا تعلق لها بنا أصلاً لا كسباً ولا إحداثاً، وإنما نحن كالظروف لها، وليس المحدث لها في العبد إلا الله تعالى كالألوان وحركات الشجر، وجعلوا نسبتها للعبد مجازاً كنسبة الطول والقصر إليه، وسووا في ذلك بين المباشر والمتعدي.

  وقال (ضرار بن عمر): بل لها بنا تعلقاً من جهة الكسب وإن كانت مخلوقة فينا من جهة الله تعالى، ولم يفرق بين المباشر والمتعدي، وبه قال (الأشعري) في المباشر، فأما المتعدي فالله متفرد به عنده. ومثل قول ضرار حكاه في القلائد والأساس عن النجارية، والكلابية، والأشعرية⁣(⁣١) وحفص الفرد.

  قال الإمام (المهدي) #: وقالت قدماء الأشعرية: المباشر خلق الله وكسب للعبد، والمتعدي يتفرد الله تعالى به. وأما متأخروا الأشعرية كـ (الجويني)⁣(⁣٢) و (الغزالي)⁣(⁣٣)، و (الرازي)⁣(⁣٤)، و (أبي إسحاق) فقالوا: بل لقادرية العبد تأثير في إيجاد الفعل كما تقوله العدلية، خلا أنهم جعلوا القدرة موجبة للمقدور فلزمهم الجبر.


(١) الرواية عن الأشعرية في الأساس. تمت مؤلف.

(٢) الجويني: هو عبد الملك بن عبد الله الجويني، من كبار علماء الأشعرية، وعليه تتلمذ الغزالي، توفي سنة ٤٧٨ هـ.

(٣) الغزالي: هو العلامة المشهور أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، ولد سنة ٤٥٩ هـ وتوفي سنة ٥٠٥ هـ.

(٤) الرازي: هو المفسر المعروف أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن الرازي، المعروف بابن الخطيب، من كبار علماء الأشاعرة، توفي سنة ٦٠٦ هـ.