المسألة الأولى [إثبات نبوة سيدنا محمد ÷]
  فالمطرفية وإن أقروا بأنه رسول من الله فهم مخالفون من جهة المعنى؛ لأنهم ينكرون أن يكون مبعوثاً من جهة الله تعالى على الحد الذي نقوله، فمنهم من يقول: النبوة يفعلها النبي لنفسه فمن شاء كان نبياً، ومنهم من قال: هي جزاء على الأعمال، ومنهم من يقول: حكم وتسمية، والباطنية يقولون: النبوة مادة ترد من السابق على قلب من وقعت للتالي به عناية، وإن المعجزات تظهر على الأنبياء لما اختصوا بهمن العلم بطبائع الأشياء وخواصها، فهي من قبيل الحيل.
  الموضع الثاني: في أنها لا تثبت نبوة نبي إلا بمعجز:
  اعلم: أنها لا تثبت نبوة نبي ولا رسالة رسول إلا بمعجز يدل على صدقه؛ لأن الطريق إلى معرفة النبوة ليس إلا خبر الصادق، أو ظهور المعجز على يديه، لكن خبر الصادق وإن دل على ذلك فإنما يعلم صدق المخبر بالمعجزة فقد عاد الأمر إلى أنه هو الدليل الحقيقي، هكذا حرره بعض أصحابنا.
  قيل: وليس بواضح فإن الذي قد علمت نبوته إذا نصَّ على نبي آخر - فطريقنا إلى ثبوت نبوة هذا الأخير، إنما هي إخبار الأول. لا معجزته، وإنما معجزته دالة على صدق خبره، فعلى هذا يقال: الطريق إلى إثبات النبوة إما الخبر، وإما المعجز؛ وهذا هو الذي ذكره بعض أصحابنا.
  قالوا: والإِخبار على ضربين؛ إخبار من الله كالذي يخلقه في الأشجار ونحوها، قالوا: وهذا لا يكون حجة إلا إذا علمنا ضرورة أن ذلك