مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [ماهية الأعمال الصالحة المذكورة في الآية]

صفحة 2341 - الجزء 4

  لقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ}⁣[الأنعام: ١١٢] بعد قوله تعالى: {زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}⁣[الأنعام: ١١٢]. وحمله بعضهم على أنه أراد أن الفعل كالقول غير داخل في العمل إلا توسعاً، ثم رتب عليه استبعاد قول الحافظ ونسبته إلى الغرابة، وقال: الذي ينبغي أن يكون لفظ العمل يعم جميع أفعال الجوارح، ولو خص بذلك لفظ الفعل لكان أقرب⁣(⁣١)؛ لأنهم استعملوهما متقابلين فقالوا: الأفعال والأقوال.

  قلت: والذي يظهر من عبارة الحافظ وظاهر استدلاله أنه إنما أراد أن القول لا يدخل في الفعل إلا مجازاً كدخوله في العمل، ولم يرد ما توهمه هذا المعترض من إرادة استواء القول والفعل في عدم الدخول في العمل حقيقة.

  نعم، والظاهر عدم دخول الأقوال وما يتعلق بالقلوب في مسمى العمل؛ لحديث: (لا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة) وأحاديث الإيمان قول وعمل واعتقاد؛ إذ العطف يقتضي المغايرة. والله أعلم.

المسألة الرابعة [ماهية الأعمال الصالحة المذكورة في الآية]

  اختلف في الأعمال الصالحة المقصودة في الآية، فروى أبو حيان في تفسيره عن علي # أنها الصلوات في أوقاتها، وتعديل أركانها وهيئاتها. وقال معاذ بن جبل: ما احتوى على أربعة: العلم، والنية، والصبر، والإخلاص. وقال عثمان: الصالح ما أخلص لله تعالى.


(١) أي لعدم تناول القول. تمت مؤلف.