مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الثالث: في ذكر شبه المخالفين والرد عليها

صفحة 249 - الجزء 1

  وقال الجاحظ: ليس للعبد إلا الإرادة، فإنها واقعة باختياره دون ما عداها من المعرفة وأفعال الجوارح، فذلك وقع بطبع المحل.

  قال (القرشي): وبه قال النظام ومعمر فيما يتعدى محل القدرة، إلا أن النظام يجعله بواسطة طبع المحل، والذي حكاه السيد مانكديم عنهما أن هذه الحوادث التي تحدث في الجمادات فإنما تحصل فيها بطبع المحل، وقال ثمامة: ما عدا الإرادة حدث لا محدث له.

  قال السيد (مانكديم): ولعل شبهة الجيمع واحدة، فإنهم لما رأوا تعلقها بالفاعل قالوا: لا بد أن يكون للاختيار مدخل فيه، ولما رأوا وجوب وقوع المراد عند حدوث الإرادة، ووجوب وقوع المسبب عند حصول السبب أخرجوه عن التعلق بالفاعل أصلاً على حسب اختلافهم في تعليقه بالطبع، أو جعله حدثاً لا محدث له كما مر.

  قال السيد (مانكديم): ولو أنهم أمعنوا النظر لعلموا أنها مما للاختيار فيه مدخل فيقع مرة بأن يختار الفاعل ما هو كالواسطة فيه، ولا يقع أخرى بأن لا يختار ذلك، يوضحه أن السبب لا يمتنع حصوله ثم لا يحصل المسبب لمانع عن التوليد، ومتى وجب وقوعه عند حصول السبب وزوال المانع فإن حاله كحال المبتدئ عند تكامل الدواعي، فإنه يحصل لا محالة، فأين الفرق بينهما.

  قلت: ولنا أيضاً ما تقدم من وقوفها على قصودنا ودواعينا، وتعلق الأمر والنهي والمدح والذم بها وغير ذلك، وأما الطبع فغير معقول، فإن أرادوا به السبب فخلاف في عبارة، وأما ثمامة فقوله ظاهر