مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [التعوذ في الركعة الأولى أم في كل الركعات]

صفحة 273 - الجزء 1

  من عيون العلماء في جميع الأعصار والأمصار، فلا يبعد أن يكون خلاف الإجماع، وقال في (نيل الأوطار): الأحاديث الواردة في التعوذ ليس فيها إلا أنه فعل ذلك في الركعة الأولى، وقد ذهب الحسن، وعطاء، وإبراهيم إلى استحبابه في كل ركعة، واستدلوا بعموم قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}⁣[النحل: ٩٨] ولا شك أن الآية تدل على مشروعية الاستعاذة قبل قراءة القرآن، وهي أعم من أن يكون القارئ خارج الصلاة أو داخلها، وأحاديث النهي عن الكلام في الصلاة يدل على المنع منه حال الصلاة من غير فرق بين الاستعاذة وغيرها مما لم يرد به دليل يخصه، ولا وقع الإذن بجنسه، فالأحوط الاقتصار على ما وردت به السنة وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط.

  قلت: ولأن الصلاة كالعمل الواحد فالاستعاذة في أولها من شر ما يلقيه الشيطان من الوسوسة في القراءة وغيرها يتناول كل القراءة، وكل ذكر وفعل فيها، واحتج الرازي بأن الأصل هو العدم، وما لأجله أمرنا بالاستعاذة هو قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}⁣[النحل: ٩٨] وكلمة إذا لا تفيد العموم.

  قلت: وهذا الاحتجاج ضعيف؛ لأن لابن سيرين أن يقول: إن هذا الأصل قد قام الدليل⁣(⁣١) على خلافه، وقوله: وما لأجله أمرنا ... إلخ، عبارة ركيكة، وأظنه أراد أن الأمر لا يدل على التكرار.

  وأما قوله: إن إذا لا تدل على العموم، فمسلم لكنها تدل على طلب الاستعاذة عند كل قراءة كما هو شأن الشرط والجزاء،


(١) وهو ظاهر الآية. تمت مؤلف.