مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}

صفحة 2938 - الجزء 5

  وذكر ابن أبي الدنيا في كتاب الخمول والتواضع أنه معاذ بن جبل، ومثله في كتاب الذكر لمحمد بن منصور المرادي بطريقين قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن عبد الله بن نمير، عن موسى بن عبيدة، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن جابر، فذكر معنى الرواية الآتية، والطريق الأخرى قال: ثنا محمد بن إسماعيل، عن عبيد الله بن موسى، عن موسى، عن زيد بن أسلم، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله ÷: «ألا أخبركم بشيء أوصى به نوح ابنه؟ إن نوحاً # قال لابنه: يا بني، آمرك بأمرين وأنهاك عن أمرين ...» إلى أن قال: «وأنهاك يا بني عن الشرك بالله فإنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة، وأنهاك عن الكبر فإن أحداً لن يدخل الجنة وفي قلبه مثقال حبة من خردل من كبر»، قال معاذ: يا رسول الله، أمن الكبر أن يكون لأحدنا النعلان يلبسهما أو الثياب يلبسها، أو الدابة يركبها، أو الطعام يجمع عليه أصحابه؟ قال: «لا، ولكن الكبر أن تسفه وتغمص المؤمن - يعني تستطيل عليه - وسأنبئك بخلال من كن فيه فليس بمتكبر، اعتقال الشاة وركوب الحمار، ولبس الصوف، ومجالسة فقراء المؤمنين، وليأكل أحدكم مع عياله»⁣(⁣١).

  فائدة: اختلف العلماء في حد الكبر، وأحسن الحدود ما جاء عن النبي ÷ وقد عرفته، وسفه الحق: جهله والاستخفاف به، والسفيه: الجاهل وغمط بالغين المعجمة والطاء المهملة: احتقر، ومثله غمص بالمعجمة والمهملة، وبطر الحق: دفعه وإنكاره ترفعاً وتجبراً.


(١) كتاب الذكر ص (٣٣١) رقم الحديث (٤٠٤).