المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]
  على طالب الرشاد عائدة وهيهات ذلك، فإن العلم بذلك أمر متعين وواجب متحتم، لا ينازع فيه عاقل، ولا ينكره إلا جاهل؛ لما نذكره من الفوائد المترتبة على معرفة هذه الفصول، وبها يستبين أن العلم بهذه المسألة أصل عظيم تتفرع عليه مسائل الفروع والأصول، وجملة الفوائد المذكورة في هذا الفصل ثلاث:
الفائدة الأولى:
  أن الاحتجاج بأقوال الأنبياء $ وأفعالهم، وتقريراتهم وتروكهم متوقف على معرفة عصمتهم، ووجوب ما يجب، وجواز ما يجوز، واستحالة ما يستحيل في حقهم $، بل الاحتجاج بالكتب المنزلة عليهم متوقف على ذلك؛ لأنا لو جوزنا عليهم الكذب وفعل القبيح أو التقرير عليه وترك الإنكار على فاعله لم يجب علينا اتباع ما جاءوا به، بل لا يجوز؛ إذ لا يؤمن أن نكون مقدمين على قبيح ومخلين بواجب؛ لكون النبي قد أقدم على القبيح أو أخل بالواجب، وهذه فائدة عظيمة، ولو لم يكن في هذا الفصل غيرها لكانت كافية في وجوب معرفة هذه الفصول؛ إذ مبنى الشرع عليها.
الفائدة الثانية:
  أن من يجهل ما يجب للأنبياء $ أو يجوز لهم، أو يستحيل عليهم، عقلاً أو نقلا، ولا يعرف الحكم في حقهم، من وجوب أو غيره لا يأمن أن يعتقد بعض الأحكام المتعلقة بهم على خلاف ما هي عليه، ولا ينزههم عما لا يجوز أن يضاف إليهم؛ فيهلك من حيث