ما يتعلق بالاستعاذة من المسائل الفقهية
  والذي نوجه إلى من ذكرنا أن نقول: المعلوم من حالك أنك لا تريد بطهارتك هذه إلا رضا الله وامتثال أمره، بحيث أنه لولم يوجب عليك الوضوء لما اشتغلت منه بشيء، فإذا كان الأمر هكذا فما الملجئ لك إلى تعدي المشروع إلى غيره، وتأمل هل يليق منك أن تشغل نفسك وتضيع وقتك في أمر لم يشرعه الله لك، ولا يعود عليك منه نفع في دينك ولا دنياك، وإنما فائدتك منه المقت من الله ومن الناس لمخالفتك ما شرعه الله.
  فإن قلت: إن العبرة بغلبة الظن في إزالة النجاسة ولم يحصل لك ظن إلا بالجري على ما تعتاده، ولا يعد تعدياً إلا في حق من زاد بعد غلبة الظن.
  قلنا: هذا من تخييل الشيطان، فإن الصحيح عند من يعتبر الظن ما ذكره بعضهم من أنه يعتبر ما لم يفض إلى الزيادة على الثلاث، ثم إن اعتبار الظن عند القائلين به إنما هو بالنظر إلى من يعرض له هذا العارض المخالف لمقتضى العقل والنقل، وكيف يعتبر الظن فيمن أفضى به الشك إلى مخالفة مقتضى العلوم الضرورية، والطرق اليقينية، ولو خطر ببال أبي طالب حال من هذه حاله لقطع بأنه متعد، وأن لا مراعاة لظن مثله، ولا اعتبار له، ولا قائل بأن الظن معتبر فيما يخالف حدود الشرع وينافيها.
  فمن المعلوم قطعاً أن الذي يغسل عضوه عشر مرات أو عشرين مرة غير واقف على مقتضى الشرع، وأن ظنه فاسد، وأن هذا الذي