مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

ما يتعلق بالاستعاذة من المسائل الفقهية

صفحة 306 - الجزء 1

  خطوات الشيطان، ويحرضون على الاقتصار والامتثال لما جاء في السنة والقرآن.

  فإن قلت: لا شك أنه يجب اجتناب عمل الشيطان، لكن من أين لنا القطع بأن كل عارض يحصل عند الوضوء ونحوه فهو من وساوس الشيطان التي يجب اجتنابها، فما يؤمنك أن يلقي إليك أن هذه وسوسة شيطانية فاترك العمل بها ليتوصل بذلك إلى أن تأتي بصلاتك على غير طهارة كاملة.

  قلت: قد علم قطعاً أن الشيطان يتوصل إلى إغواء الإنسان والتلبيس عليه بكل ممكن، وإذا كانت وسوسته ثابتة قطعاً، وتحريم العمل بها معلوم قطعاً فلا بد لنا من طريق إلى معرفتها، وقد أخبر الصادق بأن للوضوء شيطاناً، وأمرنا باتقاء وسوسته، وهذا يدل على أن غالب ما يحدث من الوسوسة فهو من ذلك الشيطان، وكذلك في غير الوضوء، وهذا معنى ما ذكره العلماء من أن من كثر منه الشك تركه كما يفيده كلامهم السابق، فقد جعلوا الكثرة دليلاً على كون ذلك وسوسة فقط، وجعلوا العارض النادر هو الذي تتعلق به تلك الأحكام من وجوب الإعادة والبناء على الأقل؛ لعدم القطع بكون ذلك من الشيطان.

  فإن قلت: لا نسلم أن الكثرة تفيد اليقين بكون ذلك من عمل الشيطان حتى يجب اجتنابه.