مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]

صفحة 3308 - الجزء 5

  وإما أن يكون المأخوذ قدر أجرة المثل، ويعرف ذلك بأن ينظر أنه لو لم يكن قاضياً كم يأخذ على مثل هذا، وما كان هذا حاله فقد اختلف فيه:

  فقال أبو مضر: يجوز وادعى الإجماع عليه، وبه قال أهل المذهب، قالوا: ولو كان قد فرض له الإمام أجرة من بيت المال: لأن الكتابة غير واجبة.

  وقال الفقيه يوسف: يحتمل أن لا تجوز، إذا كان يعرف أنه لا ينفذ حكمه أو فتواه إلا بالكتابة.

  قلت: وكذلك إذا كان لا يتبين له الحق إلا بالسير إلى نحو محل النزاع؛ والحجة على التحريم أنه قد تقرر أن ما لا يتم الواجب إلا به فإنه يجب بوجوبه، سيما الأسباب. فإنه قد قيل إنها تجب بما لا يتم إلا بها إجماعاً، والسير والكتابة من الأسباب التي لا يكمل المقصود من تبليغ الأحكام الشرعية والاستمرار عليها وفهم المراد منها إلا بها عادة.

  قال بعض العلماء: ولأن هذا لا يعرف ممن تولى القضاء في زمنه ÷ ولا زمن أحد من الصحابة. ولا يقال: حفظ مال الغير في المستقبل لا يجب، وأنتم لم تقولوا بالتحريم إلا لكونه يجب عليه التنفيذ وحفظ مال الغير؛ لأنا نقول: بل يجب مع التمكن الحرمة مال المسلم، ووجوب نصرته؛ سلمنا فلم نقل بالتحريم لذلك، بل لأنه يجب تبليغ أحكام الله على وجه يعلمها الخصمان، ويفهمانها، ويستمران