مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى: [قبح الجزم بلا دليل عقلي أو سمعي]

صفحة 3783 - الجزء 6

  قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ٧٩}⁣[البقرة]

  هذا نص في أن أخذ المال على الباطل وإن كان بالتراضي حرام؛ إذ لم تفصل الآية، وقد تقدم الكلام في هذا المعنى مستوفى في قوله تعالى: {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ٤١}⁣[البقرة].

  قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٨٠}⁣[البقرة]. المس: الإصابة، أي لن تصيبنا النار إلا أيامًا معدودة. وفي الآية مسائل:

المسألة الأولى: [قبح الجزم بلا دليل عقلي أو سمعي]

  أنها تدل على قبح الجزم بوقوع ما لا دليل عليه من عقل ولا سمع؛ لأن اليهود قطعوا بأن الله لا يعذبهم في النار إلا أيامًا قليلة، ولم يكن لمقالتهم هذه مستند، فوبخهم الله وأنكر مقالتهم هذه؛ وذلك أن قولهم هذا إن كانت طريقهم إليه من العقل فالعقل إنما يدل على أن العاصي يستحق من الله تعالى العقاب الدائم، كما مر في الثالثة عشرة من مسائل قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[البقرة: ٧]، وإن كان طريقهم إليه السمع، فلم يوجد، وقد نص الله على نفيها بقوله: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا}⁣[البقرة: ٨٠].