تفسير قوله تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 81}
  قوله تعالى: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٨١}[البقرة]
  السيئة: تتناول جميع المعاصي؛ بدليل قوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠] والمراد هنا الكبائر؛ بدليل {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}، ولفظ الإحاطة حقيقة في إحاطة جسم بجسم آخر، كإحاطة السور بالبلد، والكوز بالماء، والمراد هنا أنها صارت لازمة له وخاصة من خواصه، بحيث لم تفارقه لإصراره عليها وتلبسه بها حتى مات. وقد فرق بين السيئة والخطيئة فقيل: المراد بالسيئة هنا الكفر، وبالخطيئة الكبيرة، وقيل: بالعكس، وقيل: الأولى قد تطلق على ما يقصد بالذات، والثانية تغلب على ما يقصد بالعرض لأنها من الخطأ، وظاهر كلام الزمخشري وغيره أن الخطيئة هي السيئة، وعليه فتكون المغايرة في التعبير تفننًا. والآية تدل على الوعيد المؤبد لأهل الكبائر، وهذه هي مسألة الإرجاء التي تكافحت فيها النظار، وتصادمت فيها الأفكار والأنظار، وكثر بين علماء الأمة بسببها القال والقيل، وتبرأ بعضهم من بعض حتى حكم كل فريق على مخالفه بالتضليل؛ ولنأت فيها إن شاء الله بما يرفع الإشكال، ويتبين به الحق في مواضع الجدال،