تفسير قوله تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 81}
  المطلوب، والاستقصاء على سائر الآيات الكريمة سيأتي في مواضعها إن شاء الله. وقد أورد على هذه البراهين القاطعة اعتراضات:
  الاعتراض الأول: منع كون هذه الألفاظ للعموم، وتمسكوا بشبه قد ذكرناها وجوابها في الثانية من مسائل قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ...}[البقرة: ٢٠] الآية، وقد مر أيضًا في مواضع بيان بعض ألفاظ العموم، والاستدلال على اقتضائها ذلك، وما لم يتقدم له ذكر فدليله كدليل غيره من التبادر، وصحة الاستثناء ونحوهما، ولو سلم في بعضها أنه لا يقتضي العموم فلنا أن نستدل به من وجهين آخرين:
  أحدهما: أنه قد ثبت أن ترتيب الحكم على الوصف يشعر بأن ذلك الوصف علة، فنحو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ...}[النساء: ١٠] الآية يفيد أنهم آكلون لأموال اليتامى على جهة الظلم علة في أكلهم النار، وصليهم السعير؛ وهكذا يقال في سائر الآيات؛ ويكون هذا وجه آخر في الاستدلال بها مع ما يقتضيه عمومها.
  الوجه الثاني: أن إجماع المسلمين منعقد على أن هذه الآيات وردت زجرًا عن المعاصي المذكورة، ولا يكون كذلك إلا إذا تناولت فاعلها.
  الاعتراض الثاني: أن من أصول كثير من أصحابكم أن دلالة العموم على ما تناولته ظنية، والآيات المذكورة إنما هي عمومات، فكيف قطعتم بوصول العقاب إلى الفاسق ولم تخصصوها بالأخبار المروية في سلامته وإن كانت آحادية؟
  والجواب: أنا لا نسلم أن دلالة العموم ظنية، لما مر من تقرير