مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الباب الأول فيما يتعلق بالآيات

صفحة 368 - الجزء 1

  فإن قيل: ما الدليل على أنها إذا عدمت زال تعلقها؟ قيل: لأنه لو لم يزل لكان تعلقها إما بنفس ما كانت متعلقة به، وهو باطل لأنه ما من مراد إلا ويصح مضيه⁣(⁣١) وانقضاؤه، والإرادة لا يصح تعلقها بالماضي⁣(⁣٢)، وإما أن يكون تعلقها بغير ما كانت متعلقة به، وذلك لا يجوز لما في ذلك من انقلاب ذاتها واتصافها بصفة مخالفها الذاتية.

  قال الإمام عز الدين #: وتحقيق هذا الوجه أن الإرادات تختلف بتعدد المتعلق واختلافه، فالإرادة هذه إذا تعلقت بالمتعلق ثم عدمت وتعلقت بمتعلق آخر قد تعلقت به إرادة أخرى، فتلك الإرداة قد خالفتها لتعلقها بذلك المتعلق فصارت صفتها الذاتية والمقتضاة مخالفتين لصفتها الذاتية والمقتضاة، فإذا تعلقت بهذا المتعلق الآخر لزم أن تكون بصفة مخالفها لأنها لا تتعلق به إلا إذا ثبت لها صفة مقتضاة توجب تعلقها به تماثل صفة مخالفتها التي أوجبت لها التعلق به، وإذا ثبت لها تلك الصفة كشفت لها عن مثل صفة مخالفتها الذاتية، فحينئذٍ تصير بصفة مخالفتها، ويلزم أن تكون مماثلة لها ومخالفة وهو محال. ذكره في المعراج، وإذا اتصفت بصفة مخالفتها فقد خرجت عما هي عليه في ذاتها. والله أعلم.

  فتعين ما قلنا وهو أنها إذا عدمت زال تعلقها، ويدل على ذلك أيضاً أن أحدنا يخرج عن كونه مريداً وعالماً حال النوم، فلو لم يزل


(١) نحو أن يريد أحدنا قدوم زيد ثم يقدم الإرادة ويقدم زيد فقد تقضى مرادها ومضى وهو قدوم زيد. تمت مؤلف مؤلف.

(٢) إلا أنها لا تتعلق إلا بالحدوث وتوابعه. تمت مؤلف.