المسألة الثانية [اختصاص الرحمانية بالله تعالى وحده]
  هو الذي حكاه القرطبي عن أكثر العلماء، وحكايته توهم أن ثمة خلافاً ولم أقف عليه.
  فإن قلت: هل هو صفة أم علم؟ قلت: بل من الصفات الغالبة عند الأكثر كالنجم والصعق.
  وحكى أبو حيان عن الأعلم(١) أنه علم وإن كان مشتقاً من الرحمة لكنه ليس بمنزلة الرحيم ولا الراحم، بل هو مثل الدبران، وإن كان مشتقاً من دبر صيغ للعلمية، فجاء على بناء لا يكون في النعوت.
  قال: ويدل على علميته وروده غير تابع لاسم قبله، قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ٥}[طه]، {الرَّحْمَنُ ١ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ٢}[الرحمن].
  وأما رحيم فقال في الأساس: أنه يختص به الباري تعالى مع الإطلاق، وأما مع الإضافة فيجوز (زيد رحيم بأهله) لأن الرحمة إذا علقت بشيء مخصوص فقد خرج لفظ رحيم عن إفادته عموم الرحمة المختص(٢) بالله تعالى، وكذا إن جعل صفة لشخص معلوم نحو زيد رحيم؛ لأن جريه على زيد تقييد.
فرع [في ترادف الرحمن الرحيم]
  واختلفوا هل هما بمعنى واحد أم لا؟ فقيل: هما بمعنى واحد كندمان و نديم قاله أبو عبيدة، وقيل: بل معناهما مختلف، فالرحمن أعم ولذا قالوا: رحمن الدنيا والآخرة، ورحيم الدنيا، واختاره الزمخشري إذ زيادة البناء تدل على زيادة المعنى.
(١) من النحاة. تمت مؤلف.
(٢) أي العموم. تمت مؤلف.