المسألة الرابعة [الجواب على شبه المرجئة في الرحمن الرحيم]
  وسيأتي الاستدلال عليه في موضعه إن شاء الله، ومن الأدلة العقلية على ذلك أن الوالد إذا أمر بقطع يد ولده المتآكلة لا يوصف بعدم الرحمة لولده، بل نقطع أن أمره بقطع يده ليس إلا لرحمته وشفقته على ولده، فإذا لم يخرج عن الرحمة بإنزاله الضرر بولده لهذه المصلحة كذلك لا يخرج الباري عن الوصف بالرحمة لأجل ما ينزله بعبده لأحد هذه الوجوه، بل هو أرأف بعبده المؤمن من أ أمه وأبيه، وإن كان عاصياً فهو تعجيل عقوبة لقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}[الشورى: ٣٠].
  وقيل: بل له عوض إذ لا عقاب قبل الموافاة، وسيأتي استيفاء الكلام على المسألة في موضعها إن شاء الله.
المسألة الرابعة [الجواب على شبه المرجئة في الرحمن الرحيم]
  تعلقت المرجئة بقوله تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ١} ونحوها على القطع بخروج أهل الصلاة من النار عند بعضهم، وعلى تجويزه عند آخرين؛ لأنها وردت مطلقة غير مقيدة بشيء، وأجيب بأن هذا جهل أو تجاهل، فأين أنتم من التقييد الصريح الوارد في قوله تعالى بعد ذكر المؤمنين بصفاتهم: {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ}[التوبة: ٧١]، وقوله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ...}[الأعراف: ١٥٦] الآية على أنه يمكن إجراء الإطلاق على ظاهره، ويكون متناولاً لجميع الحيوانات من المكلفين وغيرهم باعتبار نعم الله تعالى في الدنيا من الإيجاد