الموضع الثاني: فيما يتعلق بجملة البسملة وفيه مسائل
  وما أخرجه البخاري عن قتادة، قال: سئل أنس: كيف كان قراءة النبي ÷؟ فقال: كانت مداً، ثم قرأ ﷽ يمد بسم الله، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم، والحديث وإن كان قد أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة بدون ذكر البسملة فرواية البخاري مقدمة عند المحدثين، وإذا كانت هذه الرواية مع تلونها واضطرابها معارضة بما ذكرنا مع كونها تقتضي النفي، وما عارضها يقتضي الإثبات، فلا شك في وجوب تقديم ما سلم من العلة على المعلول، والمثبت على النافي.
  الوجه الثالث: أن الحديث ليس صريحاً في عدم ثبوت البسملة، بل غايته أن أنساً لم يسمعها، وعدم سماعه لا يدل على عدم ثبوتها؛ إذ من سمع حجة على من لم يسمع، مع أن أنساً وأمثاله لم يكن لهم من المنزلة ما يستحقون به الحكم بالقرب من موقف النبي ÷ في الصلاة، وهذا في التحقيق راجع إلى ترجيح المثبت على النافي، وما ورد في بعض ألفاظه من أنهم كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين فمحمول على عدم السماع أيضاً، أو على أحد التأويلات الآتية، على أن ما في بعض ألفاظه من قوله: كانوا لا يجهرون كانوا يسرون صريح في أن المنفي الجهر بها لا قراءتها، وهو غير محل النزاع.
  وأما حديث أبي هريرة في تنصيف الصلاة فجوابه من وجهين:
  أحدهما: أنه معارض بما تقدم عنه من وجوه صحيحة من إثبات البسملة قرآناً، وعند التعارض فالترجيح لما تقدم من حيث الإثبات