مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 499 - الجزء 1

قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢}

  اعلم أن هذه الآية الكريمة بحر لا ساحل له، ولا يطيق أحد من البشر الوصول إلى عشر العشر ولا إلى أقل من ذلك مما اشتملت عليه تفاصيلها من العلوم العقلية والنقلية، وذلك أنها قد تضمنت الدلالة على وجود الصانع المختار، وأنه يستحق الشكر على نعمه على عباده، فإذا أخذت في تفصيل دلائل إثبات الصانع وكيفية الاستدلال بها، ووجه دلالتها، وما أشار إليه الاسم الشريف من صفات العظمة والكمال رجع طرفك حسيراً، وعقلك مبهوتاً، ثم إذا نظرت إلى ما وصل إلى الخلق من النعم من ابتداء وجودهم إلى وقت فنائهم وتفاصيلها لم تجد نسبة ما عرفته منها إلى ما جهلته إلا كنسبة قطرة من بحر لجي إلى بقية ماء البحر، كما قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}⁣[إبراهيم: ٣٤]، ثم إذا أخذت في تفاصيل شكر هذا المنعم الكريم العظيم استلزم ذلك معرفة ما يرضيه وما يسخطه، فيدخل في ذلك معرفة مسائل العبادات، والمعاملات، والآداب، ومكارم الأخلاق، وما يحتاج إليه في معرفتها من الفنون، كمفردات اللغة والنحو، والصرف وغير ذلك.

  وبالجملة إن ذلك يستدعي معرفة العلوم الشرعية وما يتعلق بها، ولا يكون ذلك إلا بعد معرفة النبوة بمعجزاتها إلى غير ذلك مما لا أطيق