مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 506 - الجزء 1

  قال أهل المعاني: وهذا المعرف في المعنى كالنكرة بعد اعتبار القرينة؛ لأن المراد به حينئذٍ فرد مبهم، وأما قبل اعتبارها فليس كالنكرة إذ هو موضوع للحقيقة المعينة في الذهن، ولأجل كونه في المعنى كالنكرة عومل معاملتها في وصفه بالجملة في قوله:

  ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فمضيت ثمت قلت لا يعنيني

  ومثله في القرآن كثير كقوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ}⁣[يس: ٣٧]، وليس نكرة حقيقة لما بينهما من تفاوتٍ ما، وهو أن النكرة معناها الوضعي بعض غير معين من جملة أفراد الحقيقة، وهذا معناه الوضعي نفس الحقيقة، وإنما تستفاد البعضية من القرينة كالدخول والأكل فيما مر؛ إذ لا يتصوران في الحقيقة فالمجرد نحو: سوقاً⁣(⁣١) وذو اللام نحو السوق، بالنظر إلى القرينة سواء، وبالنظر إلى أنفسهما مختلفان⁣(⁣٢) كما عرفت، ولكونه ليس نكرة حقيقة أجريت عليه أحكام المعارف من وقوعه مبتدأ، وذا حال، ووصفاً للمعرفة، ونحو ذلك مراعاة لما تفيده اللام من التعريف اللفظي.

  القسم الثالث: أن يشار بها إلى الحقيقة في ضمن جميع الأفراد التي يتناولها اللفظ بحسب اللغة، وهذا هو الاستغراق الحقيقي نحو: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ٢٨}⁣[النساء].


(١) أي من قولك دخلت سوقاً. تمت مؤلف.

(٢) فإن المجرد موضوع للفرد المنتشر وذو اللام للحقيقة المتحدة في الذهن وإنما أطلق على الفرد للقرينة باعتبار وجود الحقيقة فيه. تمت مؤلف.