مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 509 - الجزء 1

  الاتفاق على افتقار المعهود الذهني إلى القرينة، فإن مقتضى قول أبي هاشم ومن معه أنها حقيقة فيه.

  الدليل الثاني: استدلال العلماء بنحو: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}⁣[البقرة: ٢٧٥] على حل كل بيع إلا ما خصه دليل، وبنحو قوله ÷: «الذهب بالذهب ...» الخبر على تحريم الربا في جميع أنواع الأجناس المذكورة، وشاع ذلك فيما بينهم ولم ينكر، ولقائل أن يقول: إجماعهم على الاستدلال بذلك على جهة العموم في بعض الصور قرينة معينة للاستغراق فيها، والمخالف لا ينازع فيما قامت فيه القرينة، وإنما ينازع في الوضع.

  الدليل الثالث: صحة الاستثناء من هذه الصيغة ووقوعه، قال الله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}⁣[العصر: ٢ - ٣]، وهذا الدليل هو المعتمد في هذا الموضع، وبعضهم اقتصر عليه، وبيان دلالته أنه لو لم يكن للشمول لما صح ذلك حقيقة؛ لأن الاستثناء الحقيقي يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته كالاستثناء من أسماء الأعداد، ولا شبهة أن الاستثناء منها يخرج من الكلام ما يجب دخوله تحت أول الكلام.

  فإن قيل: لا نسلم أن من حق الاستثناء أن يخرج من الكلام ما يجب دخوله تحته، بل يكفي في صحة الاستثناء صحة دخوله تحته، وإذا كان كذلك لم نقطع باستغراق المستثنى منه.