المسألة الأولى [ثبوت الحمد]
  واستدلوا بصحة تثنيته وجمعه، وصحة ما عندي رجل بل رجلان، وقولهم: إن واحداً من جاء رجل واحد تأكيد، وأنه لا يقال: رجل عاقلون أو كثير. ويحتمل أن يقال: إنه لأعم من الواحد وغيره بدليل صحة قولك رجل خير من امرأة لا تريد إلا الجنس، ولقول النحاة (لا) التي لنفي الجنس في نحو لا رجل ويقولون إنه لنفي الحقيقة، ولذلك لا يصح أن تقول بل رجلين؛ ولأنه كلي والكلي لا تعرض فيه لوحدة ولا تعدد؛ وهذا هو المفهوم من قول الزمخشري وغيره في قوله: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}[الحج: ٥] أنه وحدَهُ لأن الغرض الدلالة على الجنس مع احتمال كون المعنى نخرج كل واحد منكم طفلاً كقولك: الرجال يشبعهم رغيف أي يشبع كل واحد، وهذا كالتصريح منهم بأن اسم الجنس المنكر لا يختص به الواحد، وأما طفل، فلا يصلح(١) للاحتجاج به هنا لأنه يوصف به المفرد والمثنى والجمع، والمذكر والمؤنث بلفظ واحد لغة.
  وقال (المبرد) و (الطبري): إنما وحد لأنه في الأصل مصدر كالرضا والعدل يقع على الواحد والجمع. وأحسن منه في الدلالة قولهم في قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[البقرة: ١٦٣] أنه لا يجوز الاقتصار على (إله) لأنه يوهم أنك تثبت الإلهية ولم تثبت الوحدانية، بل يجوز الاستغناء عن إله والاقتصار على واحد فيقال: وإلهكم واحد، فلو كان اسم الجنس مختصاً بالواحد لصح الاقتصار على إله، ويتمحض ذكر الواحد للتأكيد.
(١) لكن قد استفيد منه قولهم بأن اسم الجنس لا يختص به الواحد. تمت مؤلف.