مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [الاختلاف في حقيقة الحمد]

صفحة 533 - الجزء 1

  لأن الحمد شكر على النعم والنعم كلها من الله تعالى، والشكر واجب على الطاعة كلها؛ لأنها بالله كانت فهو أهل أن لا يعصى ولا ينسى.

  وقال (الرازي) بعد أن ذكر أنه يجب علينا أن نبحث عن حقيقة الحمد وماهيته: حمد المنعم عبارة عن كل فعل يشعر بتعظيم المنعم بسبب كونه منعماً، وذلك الفعل إما أن يكون فعل القلب، أو فعل اللسان، أو فعل الجوارح، أما فعل القلب فهو أن يعتقد فيه كونه موصوفاً بصفات الكمال والإجلال، وأما فعل اللسان فهو أن يذكر ألفاظاً دالة على كونه موصوفاً بصفات الكمال، وأما فعل الجوارح فهو أن يأتي بأفعال دالة على كون ذلك المنعم موصوفا بصفات الكمال والإجلال، قال: فهذا هو المراد من الحمد.

  وقال (الراوندي): الحمد والمدح يكونان بالقول والفعل، واعترضه ابن أبي الحديد فقال: لقائل أن يقول: الذي سمعناه أن التعظيم يكون بالقول والفعل، وبترك القول والفعل، قالوا: فمن قال لغيره: يا عالم فقد عظمه، ومن قام لغيره فقد عظمه، ومن ترك مد رجله بحضرة غيره فقد عظمه، ومن كف غرب لسانه عن غيره فقد عظمه، وكذلك الاستخفاف والإهانة تكون بالقول والفعل وبتركهما حسب ما قدمنا ذكره في التعظيم.

  قال: فأما الحمد والمدح فلا وجه لكونهما بالفعل.

  قلت: بل ولهم أن يجيبوا بأنه لا وجه لنفي كون الحمد بالفعل، وكذا المدح إن قيل بالترادف مع نقل أئمة اللغة بذلك كما مر عن القاموس، ونص زيد بن علي # على ذلك وهو من أئمة اللغة،