قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  ووجه تشرف الحمد أنه باللسان، وعمل اللسان ظاهر بخلاف عمل الأركان والجنان، ولذا استعار له لفظ الرأس.
  فهذه جملة أقوال الناس في بيان معاني الحمد والمدح والشكر، وقد كثر اختلافهم كما ترى، والحق أن يرجع في تحقيق معاني كلمات الله كتاب الله وسنة رسوله ÷، وما ورد عن السلف إلى أهل اللغة الذين نزل القرآن بلغتهم، وتكلم النبي ÷ وأصحابه بلسانهم ما لم يرد ناقل شرعي عن تلك المعاني اللغوية.
  والذي يظهر من كتب اللغة أن الحمد أعم الثلاثة لأنه يطلق على الشكر وغيره، ويحمد الفاعل المختار وغيره، ثم الشكر لأنه مدح وزيادة، ثم المدح لأنه لا يكون إلا باللسان، ولا يكون إلا على الفعل الاختياري، وما ورد مما يوهم المدح على غير الأفعال الاختيارية فليس بمدح وإنما هو وصف مستحسن يفيد بيان حال الموصوف في الجودة، لكن ربما ظن من لا تمييز له بين الأوضاع اللغوية أن ذلك مدح، وأنا آتيك في هذا الموضع بما يزيل عنك اللبس، ويتبين به الحق، ويتضح به صحة ما قلنا، فنقول: هاهنا ألفاظ ربما يلتبس بعض معانيها ببعض فيطلق أحدها على الآخر لعدم معرفة الفرق بينها وهي الوصف، والثناء، والحمد، والشكر، والمدح. فأما الوصف فيطلق على النعت، وعلى الإخبار عن الشيء بما يميزه يقال: تواصفوا الشيء إذا وصفه بعضهم البعض، واستوصفه لدائه سأله أن يصف له ما يعالج به، وبيع المواصفة: بيع الشيء بصفة من غير رؤية، وتطلق الصفة على الأعراض كالعلم والسواد. وأما الثناء فهو الوصف بمدح أو ذم