مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 555 - الجزء 1

  قالوا: وليس المراد به هنا الإيضاح لعدم الحاجة إليه ولا المدح؛ لأن غرض المتكلم إعلام السامع بأنه عالم بحال الموصوف لا الثناء عليه، وقد نص بعضهم على أن أصل وضعه للتكميل ببيان الصفة للإيضاح بها، أو التخصيص، وأما كونه للمدح فمجاز.

  وقيل: المراد بالتكميل إفادة ما يطلبه المنعوت بحسب المقام من تخصيص ومدح وغيرهما، فعلى هذا يقال في حده: هو كل قول أفاد في حق الموصوف ما به يتميز عن غيره مما يرجع إلى ذاته أو فعله، لكن إن رجع إلى الذات سمي وصفاً مطلقاً⁣(⁣١) أو موضحاً أو مبيناً، وإن تعلق بالفعل الاختياري سمي مدحاً أو ذماً بحسب المقام، ويرادفهما الثناء على قول، وبهذا يظهر لك أن تسمية وصف اللؤلؤة بالصفاء ونحوه مدحاً غلط وإنما هو وصف يميزها عن غيرها، لكنه لما كان وصفاً مستحسناً تتبين به جودتها توهم أنه مدح وليس كذلك، وسببه الغفلة، وعدم البحث، وإمعان النظر في مفردات الألفاظ اللغوية، ولله در الزمخشري حيث تنبه لهذه النكتة، وقد نبهناك على صحة قوله بما نقلناه عن أهل اللغة، ولعل بعض أهل النظر من علماء الأشاعرة قد تنبه لهذا، لكنه أراد التعمية بإطلاق المدح على ما ليس باختياري ليتم لهم دفع ما ألزمهم به أمير المؤمنين وأتباعه أئمة العدل من سقوط المدح والذم على مقتضى مذهبهم، وقد دل كلام أمير المؤمنين # وما حكاه الزمخشري عن الثقات على أن الوصف برشاقة القد وصباحة الخد ونحوه ليس مدحاً؛ وما قيل: بتسميته مدحاً لأنه يدل


(١) أي مطلقاً عن التقييد بكونه مدحاً أو ذماً. تمت مؤلف.