مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 576 - الجزء 1

  والفائدة فيه للحامد، وقد تقدم بيانها، وحاصله أن الفائدة خروج الشاكر من دائرة الكفران، وتميزه بذلك فيعامل معاملة الشاكر.

  وأما قولهم: إنه يؤدي إلى العقاب، فجوابه: أنه قد ثبت أن الشكر حق الله، وثبت أن لصاحب الحق المطالبة به والمعاقبة على الإخلال به، وأن ذلك كله حسن، ثم إنه من جملة ما كلفنا به، وسيأتي تحقيق حسن التكليف في موضعه إن شاء الله.

  وأما قول الفريق الثاني أن الاشتغال به سوء أدب ... إلى آخر ما ذكروه، فجوابه ما مر من ثبوت حسنه والاشتغال بالحسن خارج عن دائرة سوء الأدب والشكر وإن كان حقيراً بالنسبة إلى نعم الله تعالى علينا، لكن الله عدل حكيم بعباده لا يكلفهم فوق الطاقة، وقد رضي منا بذلك، فله الحمد والشكر، وهذا شأن الكريم فإنه يعطي عباده الجزيل، ويرضى منهم بالقليل، ثم إن كلامهم مبني على أن شكرنا لله تعالى مكافأة على إنعامه، وليس كذلك كما مر.

  وأما قولهم: إنه لا يتأتى إلا مع استحضار النعم بالقلب، فقد مر أنه لا يلزم استحضار كل نعمة، وأن العلم الجملي كاف، وبهذا الاعتبار لا يكون مانعاً من الاستغراق بمعرفة المنعم، ثم إن معرفة المنعم من جملة الشكر لأن معرفته تعالى أحد أقسام العبادة كما نص على ذلك القاسم بن إبراهيم # والعبادات كلها شكر، فمن اشتغل بعبادة من العبادات فهو في الشكر.

  وبعد: فإن الاستغراق الذي ذكروه غير مراد من العباد، بل المراد منهم المعرفة الواجبة في حق الله تعالى، ويدل على هذا أن الله قد كلفنا