مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 582 - الجزء 1

  قلت: والأحسن أن يقال: هو توفير حق الغير، أو استيفاء الحق منه وترك ما لا يستحق عليه، وهذا الحد سالم مما ورد على غيره لجمعه ومنعه. وأما إذا أريد به الفاعل، فقال الإمام المهدي # قال أصحابنا: هو من لا يفعل القبيح، ولا يخل بالواجب، وأفعاله كلها حسنة.

  قال #: والأولى الاقتصار على القيدين الأولين ليعم الباري وغيره.

  قلت: قد اقتصر صاحب الخلاصة على هذين القيدين، فقال: هو عند المتكلمين الذي لا يفعل القبيح كالظلم والعبث، ولا يخل بالواجب كالتمكين لمن كلفه، والبيان لمن خاطبه، قال: وهذه حقيقة لا يندرج تحتها إلا محقق واحد وهو الباري تعالى.

  قلت: وهذه غفلة منه فإنه لا يشترط في الوصف بالعدالة أن لا يفعل قبيحاً قط، وإنما المراد بالعدل من لا يستمر على فعل القبيح والإخلال بالواجب، ولم يصر على ذلك، وإلا لم يوصف أحد من البشر بالعدالة، إذ لا يخلو بشر من ارتكاب القبيح مع أنه يلزمه ألا يوصف الملائكة $ بالعدالة؛ لأنه قد قصر الحد على الباري تعالى، ولعله قال ذلك على جهة الادعاء والمبالغة. والله أعلم.

  وقال القرشي: إن استعمل في الفاعل فهو الذي لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب مع العلم والاختيار، وإنما زاد قوله مع العلم والاختيار ليخرج غير المكلفين والساهي، والنائم، فإنهم وإن لم يفعلوا قبيحاً ولم يخلوا بواجب فليسوا عدولاً لفقد العلم،