مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة [استطراد لذكر الحسن والقبح العقليين]

صفحة 602 - الجزء 1

  وإذ قد أتينا على تحقيق هذه الأبحاث فلنأخذ في الكلام على المسألة التي نحن بصددها، وهي القول بأنه يقبح من الله ما يقبح من غيره، وقد ذكرنا أن الكلام فيها يقع في ثلاثة مواضع، وهذا أوان الشروع في تلك المواضع.

الموضع الأول: في ذكر الخلاف

  فالذي عليه العدلية جميعاً أنه يقبح من الله تعالى ما يقبح من غيره لو فعله، وإنما اختلفوا في علة قبحه، فقال أئمتنا $، ومن وافقهم من الزيدية، والبصرية من المعتزلة: إنما يقبح الفعل لوقوعه على وجه من كونه ظلماً، أو كذباً، أو مفسدة. وقالت البغدادية، وهم أبو القاسم البلخي وأتباعه: بل يقبح لعينه، وهذا محكي في الأساس عن بعض الإمامية، وبعض الفقهاء؛ والمراد بالفقهاء إذا أطلقوا الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنبلية. وقالت الإخشيذية وهم أبو بكر محمد بن الإخشيد وأتباعه: علة قبح القبيح الإرادة له من فاعله. فهذه أقوال أهل العدل. وقالت المجبرة جميعاً: لا يقبح من الله تعالى قبيح فيجوز منه أن يفعل نحو الكذب ولا يقبح منه؛ ثم اختلفوا في العلة، فقالت الأشعرية: إنما لم يقبح منه تعالى قبيح لأنه ليس بمنهي، والفعل لا يقبح إلا لنهي الشارع عنه؛ وقد حكى في الأساس وشرحه كون الفعل لا يقبح إلا للنهي عن بعض الشافعية، والكرامية، والكلابية من المجبرة. وقالت الجهمية: بل لكونه رباً والفعل لا يقبح إلا لكون فاعله مربوباً⁣(⁣١).


(١) أي عبداً مملوكاً. تمت مؤلف.