مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة [استطراد لذكر الحسن والقبح العقليين]

صفحة 604 - الجزء 1

  فرع على العلم بوجه القبح جملة أو تفصيلاً، فيجب متى وقع على ذلك الوجه أن يقبح، سواء وقع من الله تعالى، أو من العباد؛ لأن الحال فيه كالحال في الحركة وإيجابها كون الجسم محتركاً، فكما لا يختلف ذلك باختلاف الفاعلين لما كانت هي العلة كذلك في مسألتنا، وهو حكم سائر القبائح العقلية حكم الظلم في كون العلم بقبحها يدور على العلم بالوجوه التي وقعت عليها وجوداً وعدماً، وذلك معلوم بالاستقراء⁣(⁣١).

  فإن قيل: إن قلتم بثبوت الحسن و القبح للفعل قبل وجوده لم يكن قبحه للوجه الذي وقع عليه؛ لأنه يكون حينئذٍ كالمعلول المتقدم على علته، وإن قلتم بثبوتهما له بعد الوجود أو حاله بطل قولكم: إن القبيح ما ليس له أن يفعله، فيكون له فعله، وبأيهما قلتم فقد لزمكم أحد محذورين إما إبطال القبيح، وإما إبطال وجهه.

  قيل: قد أجاب عن هذا الإمام المهدي #، وحاصل جوابه أن للقبيح ماهية. ولازم، لكل منهما مقتضي غير مقتضي الآخر، فالماهية كون ليس لنا فعله، ومقتضي هذا الحكم كونه إذا وجد كان ظلماً، فهو ومقتضيه ثابتان قبل وجود الفعل، وأما اللازم فهو استحقاق الذم، وإنما يلزمه إذا وجد، ومقتضيه وجود ذلك الفعل الذي كان القبح حكماً له.


(١) أي استقراء القبائح فإنا وجدنا العلم بقبح كل فرد منها يدور على العلم بوقوعه على وجه. تمت مؤلف.