[عدم التقيد بمذهب معين]
  كما قال علي #: (فمن شغل نفسه بغير نفسه تحير في الظلمات، وارتبك في الهلكات، ومدت به شياطينه في طغيانه، و زينت له سيء أعماله). رواه في النهج(١).
  قال العلامة ابن أبي الحديد |: وذلك أن من لا يوفي النظر حقه، ويميل إلى الأهواء، ونصرة الأسلاف والحجاج عما ربى عليه بين الأهل والأستاذين(٢) الذين زرعوا في قلبه العقائد يكون قد شغل نفسه بغير نفسه لأنه لم ينظر لها، ولا قصد الحق من حيث هو حق، وإنما قصد نصرة مذهب معين يشق عليه فراقه، ويصعب عنده الانتقال منه، ويسوءه أن يرد عليه حجة تبطله، فيسهر عينه، ويتعب قلبه في تهويس تلك الحجة والقدح فيها بالغث والسمين، لا لأنه يقصد الحق، بل يقصد نصرة المذهب المعين، وتشييد دليله، لا جرم أنه متحير في ظلمات لا نهاية لها؛ والارتباك: الاختلاط، وارتبك الرجل في الأمر: أي نشب فيه ولم يكد يتخلص منه، ومدت له شياطينه أي: طولت، وزينت له سيء أعماله، مأخوذ من قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا}[فاطر: ٨].
  قلت: ولا تكاد تجد اختلافاً بين المحققين في ذم التمسك بمذهب مخصوص لغير دليل والتعصب له؛ لكن الأكثر خالفوا في العمل.
(١) ص (٢٢١)، ٣١٥. أعلمي.
(٢) جمع أستاذ. تمت. مؤلف.