مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة عشر المتعلقة بقول الله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}: أنواع العالم

صفحة 751 - الجزء 2

  والجن، والشياطين، وسيأتي إبطال كون هذه خارجة عن الأقسام السابقة عند الكلام على ماهية هذه الأجناس والظاهر أنه إنما أورده على جهة الحكاية عن حكماء الفلاسفة، لأنه قسم هذا القسم إلى سفلي كالجن والشياطين، وإلى علوي، ثم قسم العلوي إلى ما لا يتعلق بالأجسام كالأرواح المطهرة، يعني الملائكة، وإلى ما يتعلق بها وهي الأرواح الفلكية، وهذا لا يقول به مسلم إن أراد بالأرواح الفلكية الأرواح المتعلقة بالنجوم، على رأي من يزعم أنها حية ناطقة عالمة قادرة، وسيأتي توضيح بطلانه، وقد أشار القرشي إلى أن الفلاسفة يثبتون قسما ليس بمتحيز ولا صفة للمتحيز، وقد شرح ذلك الإمام عز الدين # ووضحه فقال: إنهم قسموا الأشياء إلى حال لا يقوم بنفسه وهي الأعراض، وإلى قائم بنفسه تحله الأعراض وهي الأجسام، وإلى قائم بنفسه يؤثر في الأجسام وهي النفوس، وإلى قائم بنفسه يؤثر في النفوس وهي العقول، وإلى قائم بنفسه يؤثر في العقول وهي العلة الأولى، فأثبتوا قسمين زائدين⁣(⁣١) على الأجسام والأعراض والعلة التي هي عندهم الإله.

  قلت: وهذه الأشياء غير محدثة عندهم؛ وقد مر أنهم يطلقون على العقول ونحوها لفظ عالم، فيقولون: عالم العقول، فدل على أنهم قد أثبتوا في العالم قسما ليس بالمتحيز ولا صفة له؛ فيصح حملنا لكلام الرازي على الحكاية عنهم، والله أعلم.

  إذا عرفت هذا فلنرجع إلى ما نحن بصدده فنقول:


(١) وهما النفوس والعقول. تمت مؤلف.