مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة عشرة [حدوث العالم]

صفحة 809 - الجزء 2

  أحد إنكار هذا التجدد والحصول، قالوا: والمعلوم ضرورة أن ذلك التجدد ليس بواجب؛ إذ ما من جسم نراه احترك إلا ونعلم ضرورة أنه كان يجوز بقاؤه ساكنا، وأن حركته ليس لذاته، وكذلك القول في السكون والاجتماع والافتراق.

  قال السيد مانكديم وغيره: هذا الحكم ثابت ضرورة فيما نشاهده من الأجسام، وأما الغائبة فتعلم بالرد إلى المشاهدة بأن نقول: إنما ثبت الجواز في الحاضرة لتحيزها والتحيز ثابت في الغائبة، فيجب أن يكون هذا الحكم ثابتاً فيها، وقال الإمام المهدي: بل نعلم الكل ضرورة لأن تصورها متحيزة كإدراكنا المتحيز الحاضر، فما علمنا ضروة أنه يجوز على الحاضر علمنا ضرورة أنه يجوز مثله في الغائب لا نجد في ذلك شكا، وحكى في (المعراج) إطلاق العلم بذلك ضرورة عن أبي علي وابن الملاحمي.

  فإن قيل: وما الدليل على أن علة الجواز في الحاضرة التحيز حتى يصح الإلحاق والمساواة بينها وبين الغائبة؟

  قيل: قد حقق الدليل على ذلك الإمام عز الدين # وحاصل كلامه أن الجواز في الحاضرة لابد أن يكون لأمر وإلا لم يكن بأن يثبت أولى من أن لا يثبت، ولأن عدم الأمر حاصل في الغائبة⁣(⁣١)، فيحصل الجواز، وإذا كان لابد من أمر فلا يصح أن يكون لذات الجسم؛ لأن الجواز حكم ولا ذاتي في الأحكام، مع أنه لو صح الحصل الغرض لاشتراك الأجسام في الذات فلتشترك فيما يجب لها، ولا يصح


(١) أي في الأجسام الغائبة. تمت مؤلف.