المسألة الثامنة [دلالة الحمد على القدرة]
  قلت: أما الإمام المهدي # فإنما جعل في المسألة قولين:
  الأول: أنه قادر على فعل القبيح، وعزاه إلى أكثر المعتزلة، والثاني: أنه لا يوصف بذلك، وعزاه إلى النظام، والأسواري، والجاحظ، والمجبرة، ولم يفرق بين مذهب المجبرة والنظام ومن معه، ولم يتعرض في القلائد وشرحها لمذهب أبي الحسين ومن معه.
  قال في الشرح: أما المجبرة فذلك موافق لأصولهم؛ إذ لا نهي في حقه تعالى، وأما النجارية فيحقق الخلاف معهم لأنهم يقولون إن القبيح يقبح لعينه، فحكمهم حكم من خالف من أصحابنا، وأما النظام ومن معه فخالفوا أصل أشياخهم؛ لأن الجهل ونحوه من جملة أجناس المقدورات، والباري تعالى قادر لذاته فلا يختص به جنس دون آخر هذا معنى كلامه، ولا يخفى أن الذي تقتضيه أصول المجبرة أنهم إنما ينفون وقوعه من الباري على معنى أن ما فعله فليس بقبيح، فعلى هذا لا يصح نسبة القول بأنه لا يقدر على القبيح إليهم؛ لأنه يقدر عليه عندهم، ولا يقبح منه، وإنما الذي يصح نسبته إليهم هو القول بأنه لا يوصف بأنه فاعل القبيح؛ إذ لا قبيح منه حتى يقال: إنه فاعله، وهذا هو الذي تفيده عبارة صاحب العيون، وإما أنهم يقولون بعدم القدرة عليه، ففيه نظر لما عرفت، اللهم إلا أن يحمل ذلك على ما يفعله العباد من القبائح فقط كما يفيده ظاهر كلام القرشي.
  واعلم أن النجري قد جعل الأكثر في رواية القلائد فريقين، فجمهورهم قالوا: إنما منعت منه الحكمة، وأبو الحسين ومن معه