المسألة الثانية [معنى الغضب المسند إلى الله تعالى]
  والكراهة لما صح أخذهما في حدودها، ولصح أن يريد الشيء ولا يحبه، ويكرهه ولا يبغضه، واحتجوا أيضاً بامتناع نفي أحدهما وإثبات الآخر، إذ لا يقال: أنا أحب هذا الشخص ولا أريد نفعه، أو أنا غاضب عليه أو مبغض له ولا أكرهه، فإن قيل: إنهم يقولون أحب زيدا ولا يقولون: أريده، فنجد المحبة تتعلق بالباقي والإرادة لا تتعلق به وذلك يقتضي اختلافهما، قيل: ذلك لغلبة عرف الاستعمال في أحد اللفظين دون الآخر، وإن استويا في المعنى فيصير حقيقة عرفية.
المسألة الثانية [معنى الغضب المسند إلى الله تعالى]
  اختلف العلماء في معنى الغضب إذا أسند إلى الله تعالى، فقال الإمام القاسم بن محمد # وأتباعه: هو الحكم باستحقاق العذاب قبل وقته(١) وإيصاله إليه في وقته؛ إذ لا يصح في حقه تعالى معناه الحقيقي لأنه عرض والله تعالى لا تحله الأعراض فيكون مجازا علاقته السببية، إذ الغضب سبب في الحكم والإيصال.
  وقالت المعتزلة ومن تبعهم من الزيدية(٢): بل هو بمعنى كراهة نفعه وإرادة مضرته هكذا ذكره الإمام المهدي #، وقال النجري: هذا إنما هو في الشاهد، وأما في القديم تعالى فليس معناه إلا الإرادة؛ إذ لا يكره الله عقاب الأنبياء ولا ثواب الكفار، إذ لا يكره القبيح من فعله لعدم الفائدة فيها، هذا حاصل ما ذكره.
(١) أي قبل يوم القيامة وإيصاله إليه في يوم القيامة. تمت مؤلف.
(٢) أي الإمام المهدي # وغيره. تمت مؤلف.