مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [معنى الغضب المسند إلى الله تعالى]

صفحة 1040 - الجزء 2

  قلت: وأراد بقوله: إذ لا يكره القبيح ... إلخ أنه لا يقع منه القبيح لعدله، فلا تقع كراهته لعدم الفائدة في كراهة ما علم انتفاؤه.

  قلت: والظاهر بقاء هذه الإرادة والكراهة على معناهما الحقيقي في حقه تعالى، وهو الذي حكاه النجري عن الزيدية وأكثر المعتزلة، وهو الذي يأتي على أصول المجبرة في الإرادة، وقد حكاه عنهم الإمام المهدي #، أعني أنهم يوافقون في كونه مريدا على الحقيقة؛ لأن إرادته تعالى عندهم من جملة المعاني القائمة بالذات.

  قلت: وفي حكاية النجري عن الزيدية نظر لظهور خلاف بعضهم، والصواب أنه قول أكثرهم كما حكاه المهدي #، وظاهر كلام الهادي # أن الله تعالى يوصف بكونه مريدا وكارها على جهة الحقيقة؛ لأنه ذكر أن السخط اسم لكراهية الفعل، ثم قال بعد أن ذكر المحبة والعداوة وغيرهما: واعلم أن هذه الصفات إرادة ... إلى أن قال: والإرادة فقد صح أنها من صفات الفعل، وإنما يجب أن لا يجيز هذه الأوصاف على الله تعالى من لا يثبته مريدا على الحقيقة ولا كارهاً.

  هذا وأما الأشعرية فقد عرفت مما ذكره الرازي وأبو السعود أن الغضب عندهم أمر غير الإرادة والكراهة، ولما كان ذلك المعنى عندهم محال في حق الباري تعالى احتاجوا إلى تأويل الغضب في حقه تعالى على وجه يليق به، ولهم في ذلك مسالك: