مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا الضالين 7} من سورة الفاتحة

صفحة 1059 - الجزء 2

  يقصدون بها إضلالك فلا يحصل من فعلهم إلا ما فيه ضلال أنفسهم، وقال تعالى حاكيًا عن الشيطان: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ}⁣[النساء: ١١٩].

  قال: وإضلال الله تعالى على أحد وجهين:

  أحدهما: أن يكون سببه الضلال وهو أن يضل الإنسان فيحكم الله عليه بذلك في الدنيا ويعدل به عن طريق الجنة إلى النار في الآخرة وذلك إضلال هو حق وعدل، فالحكم على الضال بضلاله والعدول به عن طريق الجنة إلى النار عدل وحق.

  والثاني: أن الله تعالى وضع جبلة الإنسان على هيئة إذا راعى طريقا محمودا كان أو مذموما ألفه واستطابه ولزمه، وتعذر صرفه وانصرافه عنه، ويصير ذلك كالطبع الذي يأبى على الناقل، ولذلك قيل: العادة طبع ثان، وهذه القوة في الإنسان فعل إلهي، وإذا كان كذلك وقد ذكر في غير هذا الموضع أن كل شيء يكون سبباً في وقوع فعل صح نسبة ذلك الفعل إليه صح أن ينسب الضلال البعيد إلى الله تعالى على هذا الوجه، فيقال: أضله الله لا على الوجه الذي يتصوره الجهلة.

  قال: ولما قلناه جعل الإضلال المنسوب إلى نفسه للكافر والفاسق دون المؤمن، بل نفى عن نفسه إضلاله فقال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ}⁣[التوبة: ١١٥] فلن يضل أعمالهم.

  قلت: وهو كلام نفيس يفيد جواز نسبة الإضلال إلى الله تعالى بمعنى الحكم والعدول بالضال إلى النار، وبمعنى السببية والرجل من أئمة اللغة.