مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا الضالين 7} من سورة الفاتحة

صفحة 1064 - الجزء 2

  من ترتيب الحمد على الوصف بالربوبية وعموم رحمته إلى غير ذلك، ولا يدل ذكر العبادة والاستعانة على ذلك أيضاً، ألا ترى أن النطق بالاستعانة لا يتبادر منه الاستعانة باسمه⁣(⁣١)؟

  وأما الإتيان بذكر المغضوب عليهم بعد ذكر المنعم عليهم فله فائدة عظيمة قد ذكرها ابن جرير وستأتي، ووجه آخر وهو أن (غير) لا تخلو إما أن تكون صفة للموصول أو بدلاً منه، وعلى أيهما ينتفي هذا السؤال، لأن للإتيان بالصفة فوائد عند علماء العربية ظاهرة، وهذا الوصف لا يخلو عن واحدة من تلك الفوائد، وقد قيل إن المراد به التكميل لما قبله والإيذان بأن السلامة مما ابتلي به أولئك نعمة جليلة في نفسها، وأما إن كانت بدلاً فالفائدة في ذلك معلومة، وهي إفادة التوكيد بتكرير الكلام وتقريره وبما قررنا لا يكون في ذكر الآية حشو ولا تطويل، لا سيما على القول بأنها صفة إذ مكمل الشيء كالجزء منه ولا يتم الكل إلا بجزئه، ثم إنا لو سلمنا أن في هذه السورة تطويلا وإطناباً فالمستهجن عند العرب وأرباب المعاني الإطناب الذي لا فائدة فيه، وأما ما تضمن فائدة فهو عندهم مستحسن بل واجب وقد عقدوا للإيجاز والإطناب باباً في علم المعاني، وقال بعضهم: البلاغة هي الإيجاز والإطناب.

  وقال الزمخشري |: كما أنه يجب على البليغ في مظان الإجمال أن يجمل ويوجز، فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل أن يفصل ويشبع، وقد أورد ابن جرير في بيان حسن الإطناب


(١) وإنما يتبادر الاستعانة بذاته، تمت مؤلف.